:السؤال 191
«من هم المورمون؟».
الجواب: كتب البروفيسور روديغر هوبت Rüdiger Haup، أستاذ علوم الأديان، على المورمون ما يلي:
1- المؤسِّس
ولِدَ جوزف سميث في السنة 1805 في ولاية فيرمونت الأمريكيّة. كان التطيّر والقلق الدينيّ سائدَين في أسرته. وحاول في شبابه بمساعدة كرةٍ من الكريستال أن يجد كنوزًا مخفيّة في الأرض، وحكمت محكمة عليه بتهمة الخداع. وروى لاحقًا أنّ الله ويسوع ظهرا له وسلّماه رسالة: «استعادة الإنجيل الأصليّ». والسبب هو أنّ جميع الأناجيل انفصلت عن الإيمان الحقيقيّ، واعترافهم الإيمانيّ في نظر الله «شناعة». حينها، سمح ملاك اسمه موروني في السنة 1827 لسميث بأن يصل إلى الكتابات السرّيّة (ألواح الذهب) المدفونة على هضبة، فترجمها ونشرها في السنة 1930 بعنوان: «كتاب المورمون». وبعد ظروفٍ مختلفة، سجنه معارضوه في كارتاج إيلّينوا، حيث قتله جمعٌ ثائر.
2- الأصل والتاريخ
في 6 نيسان (أبريل) 1930، أسّس جوزف سميث مع بعض الأصدقاء في ولاية نيويورك «كنيسة المسيح» (Church of Christ). وتغيّر الاسم في السنة 1834 في أثناء المجمع العامّ وصار «كنيسة قدّيسيّ اليوم الأخير» (Church of the Latter Day Saints). ثمّ تغيّر هذا الاسم في السنة 1838 في أثناء مجمعٍ عامٍّ أيضًا وصار «كنيسة يسوع المسيح لقدّيسيّ اليوم الأخير» (Church of Jesus Christ of Latter Day Saints).
انضمّ إلى الجماعة عدد كبير من الأنصار وامتدّت نحو الغرب أكثر: أوهايو، ميسوري، إيلّينوا وكانت هذه هي الخطوات الأساسيّة. وبسبب «العديد من الإلهامات» الّتي نالها «نبيّها»، ظهرت عقائد وممارساتٍ تزداد غرابةً بين «القدّيسين»، بحيث لم تعد هذه الجماعة مقبولة إطلاقًا في هذا الوسط المتأثّر من الدين بضوح. وحدثت مجادلات دائمة مع غير المورمون ومع السلطات المدنيّة. وبعد موت المؤسّس بطريقةٍ عنيفة، قام «القدّيسون» بمسيرةٍ طويلة في 1945-1946 نحو الغرب بقيادة بريغام يونغس Brigham Youngs ووصلوا في صيف 1847 إلى وادي البحيرة المالحة الكبيرة في الجبال الصخريّة. وهناك ولِدَ مركزهم سالت لاك سيتي (Salt Lake City) الّذي صار لاحقًا عاصمة ولاية أوتاه Utah الأمريكيّة. صحراء مالحة تحوّلت إلى طبيعةٍ ثقافيّة مزدهرة. وبدفعٍ من رسالةٍ نشطة، انتشر المورمون في العالم كلّه (في ألمانيا منذ السنة 1952). يعتنق هذه الديانة الجديدة اليوم 8 ملايين شخص. وأكثر نسبة نموّ نجدها في أمريكا اللاتينيّة وشرق آسيا.
3- العقائد والممارسات
يعلن المورمون أنّهم «الكنيسة المسيحيّة الوحيدة الحقيقيّة على الأرض». ويدّعون أنّ الله كان ذات يومٍ إنسانًا والناس يستطيعون أيضًا أن يصيروا ذات يومٍ إلهًا (في شروطٍ معيّنة). ويلحّون على ضرورة «وحي جديد». ولكتاب المورمون قيمة «كتاب مقدَّس» إلى جانب الكتاب المقدَّس. والممارسات الأساسيّة للمورمون هي في طقوس الهيكل السرّيّة:
- المعموديّة بالوكالة من أجل الموتى؛
- «الاكتساب». فالمشاركون ينالون تعاليم ومساراتٍ وعلاماتٍ سرّيّة ليصلوا إلى ملكوت الله؛
- الزواج «في الزمن والأبديّة» (الختم)؛ فالزوجان يظلّان معًا حتّى في الحياة الآخرة.
4- تقييم
لا ينتمي المورمون إلى المجموعة المسيحيّة المسكونيّة الواسعة، لأنّ عقيدتهم غير الكتابيّة تعتمد على «وحي جديد» وطقوسه السرّيّة في الهيكل. فيجب اعتباره بالأحرى ديانة جديدة توفيقيّة أمريكيّة. جميع تعابيرهم المأخوذة تقريبًا من المسيحيّة الكتابيّة (مثلًا الخطيئة، الله، المسيح، الخلق، الرسول، القيامة، المعموديّة، الخلاص، إلخ) محوّرة تمامًا لتصير مورمونيّة في مضمونها. بالإضافة إلى ذلك، المورمونيّة داعية لأمريكا «بلد الخلاص)، مركز كلّ تاريخ الخلاص الإلهيّ: جنّة آدم وحوّاء موجودة في ولاية ميسّوري، والمسيح ظهر بعد قيامته في القارّة الأمريكية، وسيقيم عند عودته في هيكل الأزمنة الأخيرة في أنديباندانس (ميسّوري)، إلخ. لذلك فإنّ الاهتداء إلى المورمونيّة لا يعني فقط تغيير المعتقد، بل إشاحة الوجه تمامًا عن الجماعة المسيحيّة المسكونيّة. فالمورمونيّة تمثّل عالمًا مختلفًا تمامًا وغريبًا؛ وينجم عن ذلك ضغط شديد على العلاقات الاجتماعيّة اللاحقة، خصوصًا العلاقات الأسريّة. فتمثيلات الإيمان المفرطة لدى المورمون، وكذلك تكريس الوقت الطويل للأعضاء الأفراد في جماعة المورمون يخلق دومًا تمزّقًا مؤلمًا في العائلات ذات الديانات المختلطة.