German
English
Turkish
French
Italian
Spanish
Russian
Indonesian
Urdu
Arabic
Persian

الصلاة

أولا: تساؤلات المسلمين

 

كيف تصلون؟ أين ومتى تؤدون الصلاة؟ كم مرة تصلون في اليوم؟

هل تتوضؤون قبل الصلاة؟

هل تصلي المرأة أيضا؟

هل تصلون في جميع الأوقات؟ أو في مناسبات خاصة فحسب؟

هل لديكم صلوات معينة خلال الاحتفال بالأعياد الكبرى؟

بأية لغة تصلون؟

ما هي الوضعيات والحركات الجسدية الأساسية التي تقومون بها في الصلاة؟

لماذا تصلون؟ ألأن الرب أوصاكم بذلك؟ أم هو احترام للقواعد الدينية؟ أم بهدف الفوز بالجنة؟ أم لأن الصلاة تجعلكم تشعرون بالتحسن؟

ماذا تقولون في صلواتكم؟ أي نصوص تقرؤون؟ هل تقرؤون من الكتاب المقدس؟

لأجل من تصلون؟ هل يمكنكم أن تصلوا من أجلنا؟

هل يمكننا المشاركة في صلواتكم؟ هل يمكننا أن نصلي معا؟ وإن جاز ذلك، أي  نصوص نتلو؟

هل من المباح أن يؤدي المسلمون صلواتهم في أماكن العبادة   المسيحية ؟

هل يمكن تهيئة غرفة صلاة إسلامية داخل مبنى مسيحي؟

 

ثانيا: نظرة المسلمين

 

النظرة الإجمالية

 

تكتسب كلمتي "الصلاة" و"يصلي" معان عديدة (في اللغة العربية) لا تقتصر على المعاني الإسلامية المعتمدة. لا بد هنا من إبقاء المفهوم الأساسي التالي : "العبادة". يجمع هذا الأخير بين معنيي "التعبد" و"الخدمة". والصلاة، بمعنى العبادة، تعبر عن الخدمة الوديعة التي يقدمها الخادم أمام سيده. يميز الإسلام بين الصلاة الواجبة، وهي الشعيرة التي تؤدى يوميا في أوقات محددة، وبين أشكال أخرى من الصلاة يؤديها المسلم بمبادرة شخصية خارج أوقات الصلاة المعتمدة وبغير شعائر؛ منها الدعاء (الطلب من الله) والمناجاة (الحوار الخاص مع الله) والذكر (تكرار اسم الله في الصلاة). لذلك هناك فرق بين صيغتي "أداء الصلاة" والصلاة". عندما يطرح المسلم أسئلة عن الصلاة، يقصد حتما الصلاة المفروضة- الرسمية، أي تلك التي تؤدى في أماكن عامة، وسط جماعة، ووفقا لقوانين محددة. أما شتى أنواع الصلاة الأخرى، فذات منزلة أقل شأنا من فرض الصلاة.

 

وخلافا للإسلام، يرى المسيحيون في كلمة "صلاة" موقفا للروح والقلب. لا يربطون الصلاة بأية شعائر أو طقوس. وعليه، حين يقول المسلمون: "أنا لا أصلي"، يعنون بذلك: "أنا لا أؤدي بانتظام شعيرة الصلاة المعهودة". طبعا هذا لا يعني أن الله ليس في أفكار المسلمين ومحط حديثهم. أما الصلاة المسيحية حسب التقاليد الرهبانية (صلاة الساعات) فأقرب إلى الصلاة في الإسلام، إذ فيها التزام بطقوس معينة وأوقات محددة. وفي الإسلام يجد المرء في التأمل الصوفي والصلاة وسط أخوية دينية، الصلاة الأعمق والتأمل ومعان أوسع للصلاة الروحية الصامتة والمنطوية على الذات.

 

لا يمارس المسيحيون الصلاة الطقسية بنفس الطريقة التي يؤدي بها المسلمون فرض الصلاة. لذلك يبدو ظاهريا أن الناس "في الغرب" لا يصلون لأن في وضعيتهم من "المادية" ما يتعارض مع مفهوم الصلاة في الإسلام. أما المسلمون فيصلون بانتظام وفي العَلن، بلا أي خوف من أقاويل الناس، مثبتين بذلك انتماءهم لجماعة المسلمين. يضفي علو الله في الوعي الإسلامي، على شعيرة الصلاة شعورا بالإجلال والخشوع. تولى بالتالي أهمية حيوية لاحترام مختلف المتطلبات الطقسية المفصلة مثل: الوضوء والوضعيات الجسدية وطرق الكلام ( جهرا، همسا أو صمتا). أما في المسيحية، فقد أدى الشعور بـ"حضور الله بيننا" إلى نوع من الألفة – الدالة في العلاقة مع الرب والحرية في أسلوب الصلاة، حتى أنه قد يُنظر إليهما  على أنهما نقص في إجلال لله.

 

باختصار، يمكن القول إنه في حين يولي الإسلام أهمية عظيمة لشكل الصلاة الخارجي، تؤكد المسيحية على ممارسة الصلاة الداخلية.

 

النظرة المفصلة

 

تشير كلمة "الصلاة" في الإسلام إلى ممارسات دينية محددة، 

منها:

 

 

 

الصلاة بمعنى العبادة الطقسية المفروضة:

 

الصلاة هي الركن  الثاني للإسلام، معناها الممارسة الطقسية وتمثل جوهر العبادة الإسلامية. وحين يؤدي المسلم الصلاة، يشعر بالتضامن مع إخوته المؤمنين حول العالم عبر القارات والثقافات، وحتى عبر العصور والأزمان. في الصلاة الطقسية، اختبار للأخوة بين المسلمين على الرغم من اختلافات الرأي. تنطوي الصلاة على جوانب مختلفة من العبادة مثل: التلاوة والاستماع والتأمل والإصغاء لحضور الله. تشمل الصلاة أولا الحمد والشكران ثم الاستغفار وطلب البركة، وفي بعض الأحيان التقدم بالطلبات والنحيب، وطلب الشفاعة الخ. وبغية التأكد من أن شعيرة الصلاة، حيثما وأينما أديت، لا تغفل أيا من هذه العناصر، وُضعت طقوسها بالتفصيل. استنبطت هذه الأخيرة من القرآن والحديث النبوي والقواعد التشريعية التي استقتها مذاهب التشريع من  القرآن والحديث.

 

تُؤدى الصلاة المفروضة خمس مرات يوميا في أوقات محددة. وتضم معظم التقويمات الإسلامية جداول مفصلة ودقيقة تحدد مواقيت الصلاة وهي قابلة للتعديل حسب الضرورة. أوقات الصلاة هي: صلاة الفجر (عند انبثاق نور النهار)، صلاة الظهيرة (عند منتصف النهار)، صلاة العصر (بعد الظهر)، صلاة المغرب (عند غروب الشمس) وصلاة العشاء (أثناء الليل). يؤدي المؤذن الأذان من أعلى المئذنة، ووظيفته الأساسية تنبيه الناس إلى وقت الصلاة الصحيح. يمنح الأذان إيقاعا متميزا لحياة المدن الإسلامية.

 

يؤدي المسلم الصلاة وسط الجماعة كلما أمكن، وخير مكان لذلك هو المسجد. يصطف المصلون خلف الإمام الذي يقود وتيرة الصلاة (يؤم المصلين). يجوز كذلك للمرء أداء الصلاة وحده أو في جماعات صغيرة خارج المسجد وبالمبدأ في أي مكان، شرط أن تكون الأرض طهور. يُحدد موقع الصلاة ببساط، دائرة من الحجار، قطعه من القماش أو الورق الخ... مهما كان الموقع، يتجه المسلم في صلاته نحو القبلة في مكة إذا أمكن. يُحدد اتجاه القبلة داخل المساجد بالمحراب (وهو كوة في حائط المسجد تشير إلى اتجاه مكة حيث القبلة). وكون جميع المصلين يتجهون نحو الكعبة لأداء صلاتهم، يبرز الوحدة العالمية للأمة الإسلامية. قبل أداء الصلاة، على المسلم أن يتوضأ (وهو اغتسال طقسي). يُستعمل عادة الماء، ولكن في حال عدم توفرها، يمكن اللجوء إلى التيمم وهو عمل رمزي للطهارة بالرمل أو التراب. تميز الشريعة بين الغُسْل (تنظيف الجسم برمته) والوضوء (تنظيف جزء من الجسم). يلزم الغسل في حال الجنابة، أي بعد الاتصال الجنسي بما فيه ضمن الزواج أو بعد لمس جثة الميت. أما الوضوء فإلزامي بعد الحدث، أي بعد خروج شيء من البدن (الخروج، البول أو العمل الخ). وفي هذه الحال على المرء أن يغسل يديه وفمه وأنفه ووجهه ويديه ورأسه وأذنيه وحلقه، وقدميه. لا بد للملابس أن تكون نظيفة أيضا، لكن يبقى الأهم طهارة القلب. ولعله من المفيد مقارنة هذه الأحكام الإسلامية بنظيرتها الواردة في العهد القديم (سفر الخروج:30؛ سفر الأحبار:18؛ سفر تثنية الاشتراع21؛23).

 

بعد الوضوء، يعلن المصلي عن نيته بأداء الصلاة. تُفتتح الصلاة بالتكبير بصيغة: "الله أكبر"، يليها تلاوة سورة الفاتحة(48). تتكون الصلاة من ركعتين إلى أربع ركعات (الوحدة الطقسية في الصلاة)، تضم كل واحدة وقتا من الوقوف يليه الركوع ثم السجود بعدها الجلوس. لكل وضعية صلاتها الخاصة. تشمل صلاة الفجر ركعتين، وصلاة المغرب ثلاث ركعات. أما صلوات الظهر والعصر والعشاء فتشمل أربع ركعات. في الصلاة، تُقرأ سور قصيرة من القرآن، يليها توجيه التحيات لله والرسول والمؤمنين. تُنطق بعدها الشهادتين وتتلى صلوات بركة على كل من محمد وإبراهيم. ولا تستغرق الصلاة برمتها أكثر من خمس إلى عشر دقائق، شرط عدم قراءة سور طويلة من القرآن أو إضافة بعض الأدعية.

 

تؤدى صلاة الجمعة (صلاة الجماعة) مرة واحدة أسبوعيا عند ظهر يوم الجمعة. تتميز عن الصلوات اليومية العادية بزيادة في الثناء على الله وتحياته، وبالخطبة التي يلقيها الإمام أو أي مسلم كفء. وهناك طقوس خاصة أخرى تؤدى في الاحتفالات الكبرى وأهمهما: عيد الأضحى (أو العيد الكبير) وعيد الفطر الواقع بعد ختام شهر رمضان (شهر الصوم). وهناك طقوس أخرى تميز الاحتفال بالمولد النبوي، وعاشوراء وليالي رمضان. ولا يغفل عنا ذكر الصلوات (الأدعية) المؤثرة التي تتلى خلال الحج الأكبر والأصغر.

 

الصلاة، قبل كل شيء، عمل عبادة وتعبد وتسبيح وشكران لله. تؤدى طاعة لوصية الله. يشدد الكتاب الروحيون مثل الغزالي (1058 – 1111م) على جوهرية المواقف التالية عند التقدم للصلاة: طهارة القلب، الإصغاء لحضور الله، تقوى الله وخشيته، الرجاء، التواضع ورغبة الإنسان الصادقة في إصلاح نفسه.

 

 هناك كذلك صلوات تؤدى في مناسبات أخرى مثل صلاة الاستسقاء (نزول المطر) وصلاة كشف الضر والصلوات خلال الكوارث الطبيعية وصلاة بعيد وفاة الأحباء. كما تؤدى صلاة النوافل في ليالي رمضان (التراويح) ، وفي الليل (التجهد) [سورة الإسراء: 79]

 

صلوات أخرى

طوّر الصوفيون وطرقهم ممارسة الذكر، القاضي بتكرار ذكر اسم الله والاحتفاء به [سورة البقرة:152، سورة آل عمران:41]. أما التكرار المستمر لاسم الله على انفراد أو في جماعة، فيهدف إلى إحلال حضور الله في قلب المؤمن الذاكر وعقله. للذكر ثلاث مستويات تقليدية: ذكر اللسان (مجرد تكرار اسم الله على اللسان)، ذكر القلب (حيث يدق القلب على وقع الذكر) وذكر السَّر الذي يهتز فيه قلب الذاكر وجسده بذكر اسم الله. وينشغل الصوفيون وطرقهم بانتظام بالفكر والتأمل والأوراد الليلية وتلاوة الحزب.

جميع أشكال الصلوات منظمة ومتقنة من حيث الطقوس والنصوص. غالبا ما تكون أخاذة وآسرة، لكن لا تترك مساحة للمبادرة الفردية. يُطلب من المريد الصوفي أداء هذه الشعائر بتأن بإرشاد شيخ.

لا مفر من الكلام عن ترديد أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين. يتلو المسلمون الأتقياء هذه الأسماء متأملين بها ومستخدمين السبحة.

 ولا يخفى على البال أن المسلمين، في المحن والابتلاءات، يتلون القرآن ويتأملون به، مستمدين منه المعونة والقوة.

أخيرا، هناك عدد لا يحصى من الصلوات والأدعية العفوية، منها تلك التي ينطقها المسلمون - خاصة البسطاء منهم - في شتى المناسبات، مثلا: "الحمد لله" (لتمجيد الله)، "ما شاء الله" (للإعراب عن المفاجأة)، "أستغفر الله العظيم" (طلبا للسماح)، "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" (للإعراب عن السخط والاستنكار).

وقد احتد النقاش مرارا بين العلماء المسلمين حول توافق أدعية التوسل والالتماس مع الشريعة الإسلامية، وحول مكانتها وقيمتها. إذ بما أن الله عالم بكل شيء إذن، لن يغير شيء مشيئته (لا دعاء ولا صلاة). لكن يجمع المسلمون على أن الدعاء محبب إلى الله، ولذا فإنه مرغوب فيه. ألم يدع الله نفسه المؤمنين إلى التضرع إليه بالدعاء (قارن سورة البقرة:186، سورة الحج:12، سورة الرعد:14)؟ ألم يعدهم بالاستجابة [سورة البقرة:186، سورة غافر:60] ؟ بحسب تعاليم الإسلام في معظم طوائفه، يرى الله كل شيء منذ الأزل، ولأنه الجواد، فهو يمنح السائلين من فيض كرمه وإحسانه. من جهتهم، يرى المعتزلة – المعروفون بعقلانيتهم- أن لا أثر للتضرع، لكنه مفيد لأنه يكوّن في الناس الموقف الصحيح تجاه الله: موقف العبد الفقير أمام مولاه الثري. لا يغير التضرع الله، بل يغير الإنسان.

 

الصلاة والسلوك

 

يُترجم الصدق في الصلاة في علاقة المصلي بجاره، خاصة في السعي إلى عمل الخير والبر، ورعاية الفقراء. لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ...( [سورة البقرة: 177].

 

ثالثا: نظرة المسيحيين

 

تعني الصلاة في المسيحية التوجه نحو الله استجابة لعنايته بنا وتدبيره  ومحبته.  يصلي المؤمن لانه الفعل الاكثر طبيعية وصدقا للتعبير عن ايمانه وحبه وشكره وسجوده. خصوصا لما يدرك انه مثل طفل لا يقدر ان يعيش معزولا لوحده. هذه العلاقة الوجدانية – الحبيّة نسميها صلاة ومن دون صلاة كتواصلة لا حياة مسيحية حقيقية.  يأتي هذا التوجه عبر طرق وأساليب شتى مثل: الصلاة الشفهية، التأمل والتفكير، الموسيقى أو الترانيم، والحركات الجسدية، والفنون بما فيها رسم اللوحات، وتصميم مذابح الكنائس، ورسم صور القديسين، وكتابة الأيقونات في الكنيسة الأرثودكسية(49)، وصناعة نوافذ الزجاج الملون، ونحت التماثيل. أضف إلى ذلك استخدام ما تشعر به الحواس من أجل الصلاة مثلا الصلوات التي تستخدم الكلام على أشكاله (جهرا، همسا أو في القلب).

 

تكمن جذور الصلاة المسيحية في تعاليم المسيح وفي حياته التي عاشها في الصلاة، بجذورها اليهودية. 

 

يسوع صلى وعلّمنا ان نصلي وكيف نصلي 

 

تصور لنا الأناجيل المسيح على أنه رجل صلاة؛ فقد أحب يسوع الاختلاء بنفسه من أجل الصلاة. وكان يقضي أحيانا ليله برمته في الصلاة، خاصة قبل اتخاذ قرارات مهمة أو مواجهة مواقف حاسمة في حياته. فعلى سبيل المثال، قبل المباشرة بالتبشير، خلا يسوع بنفسه في الصحراء يصلي ويصوم، صلى قبل دعوة تلاميذه – الحواريين، كذلك قبل آلامه. عاش يسوع في اتحاد دائم بالله الآب، ساعيا إطاعته وتطبيق  مشيئته بمشيئة أبيه. تعود جذور صلاة المسيح إلى اليهودية وكتبها المقدسة. نجده يستخدم المزامير، كتاب الصلاة في الكتب المقدسة اليهودية، مباشرة أو بتصرف. علم تلاميذه الصلاة. على الصلاة الفردية ألا تكون معقدة، مزخرفة أو ملأى بالكلام الفارغ (متى 5:6-7). واستجابة لطلب واضح من التلاميذ – الحواريين ، علمهم المسيح الصلاة الربانية التي تبدأ بـ: "أبانا الذي في السماوات". "الآب": لأن الله يحبنا كأبناء له، لأن كل صلاة، حتى الفردية منها، تصلى باتحاد مع الآخرين. يلي هذا التعبير في الصلاة الربانية ثلاثة أدعية تختص بالله، وثلاثة أخرى تتعلق بالبشر.

وهذا نصها: أَبانا الَّذي في السَّمَوات لِيُقَدَّسِ اسمُكَ 10لِيَأتِ مَلَكوتُكَ لِتكُنْ مشئتك  كما في السَّماء كذلك على الأَرْضِ.     اعطنا خبزنا  كفافنا اليوم واغفر لنا خطايانا كما  نحن ايضا نغفر لمن أخطأ الينا  ولا تدخلنا في التجربة ، بل نجنا من الشرير"

 

قبل آلامه، احتفل المسيح بعشائه الأخير. وبعد قيامته وعيد الفصح المجيد، تطور الاحتفال بذكرى هذا العشاء الأخير، وصولا إلى القداس والاحتفال بالإفخارستيا. هذا هو سر تقديم المسيح لذاته كليا لله من أجل خلاص العالم، وهو سر حضور (خفي وغير ملموس) المسيح الممجد  القائم من بين الأموات بيننا. الصلاة المسيحية كما علمها ورسمها المسيح، هي قبل كل شيء عبادة الآب، حمد وتسبيح، شكران، تقدمة الذات، طلب المغفرة والمعونة والرجاء.

 

وتماما مثل المسلمين، يميز المسيحيون بين الصلاة الطقسية والصلاة الفردية التي يولونها أهمية قصوى. لا فرق بين المرأة والرجل في الصلاة. 

 

الصلاة الطقسية

 

تُتلى الصلاة الطقسية وسط جماعة. لها طقوسها ونصوصها. يحتل الاحتفال بسر الافخارستيا (المعروف بالقداس) المقام الأول في الصلاة والحياة المسيحية. في الكنيسة الكاثوليكية، يترأس دائما الكاهن الاحتفال بسر الافخارستيا (القداس). يجوز الاحتفال بهذا السر كل يوم وفي أي وقت كان. وفي أيام الآحاد، يُحتفل به بوقار خاص، إذ في هذا اليوم يتذكر المسيحي بشكل خاص قيامة المسيح من بين الأموات. 

 

ويبدأ الاحتفال بسر الافخارستيا (خلال القداس) رتبة الكلمة، أي بقراءات من الكتاب المقدس، وتتضمن دائما نصوصا من العهد القديم  والجديد ودائما  نصا من الأناجيل الأربعة. يليها عظة (خطبة)، ثم أدعية وتضرعات. تأتي بعدها رتبة التقادم  التي تبدأ بإعداد الخبز والخمر.  بعدها صلاة الافخارستيا التي تحتوي على "يرد الكلام الجوهري"، أي الكلمات التي لفظها المسيح في عشائه الأخير، ثم دعوة الروح القدس لتتحول هذه التقادم الى جسد المسيح ودمه خصوصا  لدى الشرقيين، بعده  تُتلى صلوات استغفارية والصلاة الربانية ("الأبانا")، ثم يوزع  قليل من الخبز والخمر على المؤمنين للمناولة.

 

يغدو الاحتفال بسر الافخارستيا (القداس) أعظم صلاة شكران (من هنا معنى مصطلح Eucharist الإغريقي: "تقديم الشكر") وعبادة وتسبيح تقدمها جماعة المسيحيين. في هذا الاحتفال كذلك إصغاء إلى كلمة الله وسط الجماعة واتحاد بالمسيح الحاضر حقا في الخبز والخمر، مما يعطي المؤمنين قوة في رحلتهم عبر دروب الحياة.

 

تكتسب الصلاة الطقسية حسب النماذج الرهبانية التقليدية (صلاة الساعات) أهمية قصوى لدى الكهنة والرهبنات، لكنها غير منتشرة بين العلمانيين. تتضمن سلسلة من الصلوات وقراءات من الكتاب المقدس ومن مؤلفات آباء الكنيسة، إضافة إلى المزامير والترانيم والتضرعات. تؤدى هذه الصلوات وتنشد سبع مرات في النهار في الرهبنات: في الصباح والظهر والمساء والليل. يجوز أن تؤدى على انفراد أو وسط جماعة. للصلاة مكانة أساسية في الكنائس البروتستانتية أيضا.

 

 الاسرارفي الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية

 الاسرار علامات حسية مهمة للتعبير عن حضور المسيح غير المنظور في الكنيسة. لذلك يؤمن المسيحيون بانهم كلما مارسوا هذه العلامات بصلاة وايمان ينالون نعمة خاصة، نعمة الروح القدس. ان الأسرار السبعة تمثل مراحل  الحياة الأساسية، بكونها أزمنة قوية يعيشها، لا منعزلا، بل مع الآخرين. فكما في الولادة التي تعّد"مفتاح" الحياة،  يحتاج الطفل حتى يعيش،  إلى أهل يقبلونه ويحبونه ويساعدونه. هكذا  في المعمودية "ألولادة الجديدة"، التي تمدد ارتباطه بالله ألآب من خلال الابن يسوع وتمدد ارتباطه بالكنيسة، العائلة الجديدة، والتي يحتل مكانه فيها عبر سر التثبيت. ولما كانت الحياة لا تدوم بدون غذاء  فجاء القربان المقدس    ( الافخارستيا)  يغذي الحياة الجديدة هذه ويقوّي الشركة والوحدة بين المسيح الرأس والإخوة. أما الزواج فهو زمن قوي آخر لوجود الإنسان، فمن خلال  السر يدعم الله  ميثاق الحب والأمانة بين الزوجين ويديمه. وعندما يهدد المرض حياة الإنسان ويشعره بمحدوديته، تأتي مسحة المرضى  لتساعده على اختبار ارتباطه بالله واستمداد القوة والرجاء منه. هكذا الأمر بالنسبة إلى التوبة التي تعيد إلى الإنسان المنقسم على ذاته، الوحدة والتناغم وتجعله يختبر رحمة الأب وغفرانه. أما الكهنوت فيشير إلى أشخاص مفروزين لخدمة الجماعة ومتابعة مساعيها لتحقيق الخلاص بسلام وفرح. بهذه العلامات السبع، التي قد تختلف من كنيسة الى كنيسة، يتجسد تدبير الخلاص ويؤمن ديمومة البشرى.  تُمنح هذه الأسرار في سياق الاحتفالات الطقسية وبحسب التقاليد المحلية، كما هناك صلوات تؤدى أثناء الحج، للاستسقاء والمطر، من أجل المحاصيل الوفيرة، من أجل ولادة آمنة الخ.

الصلاة الفردية

تشير الصلاة الفردية إلى صلاة الشخص الواحد أو الصلاة وسط مجموعة صغيرة شأن العائلة (لصلاة المساء). لا تشمل أية طقوس من حيث الشكل، إذ تتميز الصلاة المسيحية أساسا بمرونة الأسلوب. لا منافسة بين الصلاة الفردية والصلاة الجماعية، بل تتكامل. كلتاهما متناسبتان مع دعوة المسيح للصلاة من دون كلل (مرقس 33:13، لوقا 1:18-8، 36:21، وقارن: الرسالة إلى أهل كولوسي 9:1، الرسالة الأولى إلى التيسالونقيين 5 : 17؛ الرسالة الثانية إلى التيسالونيقيين 1: 11).

وفي سياق الصلاة الفردية والصلوات الحرة (حيث لا طقوس ولا شعائر)، يجوز استخدام صلوات الكنسية مثل: الصلاة الأبانا، المزامير، صلاة السلام (السلام عليك يا مريم) عند الكاثوليك وغيرها من الصلوات تؤدى جهرا أو صمتا. يتلو المسيحي هذا النوع من الصلاة صباحا أو مساء أو عند زيارة كنيسة أو مزارا. كذلك، يصلي الكثير من الكاثوليك المسبحة وهي عبارة عن تكرار للصلاة الأبانا وصلاة السلام (السلام عليك يا مريم)، مع التأمل في محطات حياة المسيح. وكثيرون يؤدون صلاة المسبحة هذه أقله مرة في اليوم.

يخصص الراغبون في تعميق حياتهم الروحية وقتا محددا كل يوم للتأمل والتفكر. يتلون الصلاة وقوفا، جلوسا أو استلقاء، في البيت أو في مكان مقدس. يحملون فكرهم على التركيز بصمت على الله، فيعون حضوره ويصغون إلى كلمته. تعتبر الممارسة الدؤوبة لتمرين الإصغاء لكلمة الله، بفضل أشكال مختلفة من التأمل، خير وسيلة للاقتراب من الله. وطبقا للعقيدة الكاثوليكية، قد يؤدي التأمل، بنعمة الله، إلى تلقي مواهب صوفية، سواء في الخلوة الرهبانية أو وسط الحياة اليومية. كذلك، يمارس المسيحيون الراغبون في السير على درب المسيح، تمارين روحية من وقت لآخر في الصمت والصلاة، يوما في الشهر، أو أسبوعا واحدا في السنة.

 

إلى من نتوجه بالصلاة ؟

نتوجه بالصلاة إلى الله مباشرة. نصلي له بشفاعة المسيح بواسطة الروح القدس. ينطبق هنا ما ورد في الفصل الخامس (الله، ثلاثة في واحد): نحن نصلي بالمسيح ومع المسيح، بقوة الروح القدس، لله وحده.

 

في الكنيسة الكاثوليكية، يطلب المؤمنون من القديسين الصلاة لأجلهم. تستند هذه الممارسة على اعتبارهم شفعاء لنا عند الله(21). لكن لا ترفع الصلاة إلا لله، إذ وحده يستحق العبادة.

 

 معنى الصلاة

الفكرة الجوهرية الكامنة وراء الصلاة هي العبادة، والشكر، والتضرع للحصول على المعونة الإلهية لنا وللآخرين. ونحن مدعوون عبر الصلاة إلى السعي لفهم مشيئة الله وإطاعتها في كل لحظة. الصلاة منبع قوة وسكينة وسعادة وارتقاء.

من المفيد تخصيص أوقات محددة للصلاة. تساعد هذه الأخيرة على إثراء شتى ميادين الحياة حتى تغدو الحياة برمتها صلاة. وفي المقابل يثري بذل الذات صلاتنا. تتغلغل بالتالي الصلاة إلى داخل أفراحنا واهتماماتنا. ليست طريقة للهروب من الحياة، بل تمكّن الإنسان من البحث عن علامات حضور الله في تجارب الحياة الفردية والجماعية ومن السعي إلى البحث عن مشيئته أمام اتخاذ قرار ما. الصلاة قوة للحياة؛ تؤثر على علاقتنا مع أنفسنا ومع الغير، وتدخل أعماق قلوبنا (قارن الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس: 13).

 

مختلف أشكال الصلاة المسيحية

تغيرت الصلاة في المسيحية عبر القرون واكتسبت أشكالا عديدة بحسب الزمان والمكان مع تداخل ثقافات آلاف الأشخاص. قد يؤدي التكيف مع الثقافة المعاصرة إلى بعض التوترات، بيد أنها عملية ضرورية قد تقود إلى أشكال جديدة من الصلاة. 

 

رابعا: أجوبة المسيحيين

 

لا بد، مرة أخرى، من التأكيد على النقطة المذكورة أعلاه حول اختلاف معنى كلمتي "صلاة" و"يصلي" في السياقين المسيحي والإسلامي.

 

يستحيل مقارنة ما لا يتشابه فمن المناسب مقاربة اقله في الشكل  الصلاة في الإسلام بالصلوات المسيحية الطقسية: من وضعية الصلاة والترنيم وأوقات الصلاة المتكررة الدورية (اليومية أو الأسبوعية). أما الدعاء في الإسلام، فيقابله التضرع في الصلاة الفردية، في حين أن الذكر الإسلامي قابل للمقارنة مع مختلف أشكال التأمل والتفكير في المسيحية.

 

لا بد من مراعاة العناصر المشتركة بين الإسلام والمسيحية في الصلاة مثل:

المعاني والأهداف المشتركة شأن العبادة والشكران.

وتيرة الصلاة المتكررة (أسبوعيا أو يوميا).

تشابه النصوص المقروؤة، مثل المزامير المقبولة لدى المسلمين.

الوضعيات الجسدية خلال الصلاة.

 

يجدر  معرفة وقبول الاختلافات  في  "طقسية" الصلاة الإسلامية و"باطنية" الصلاة المسيحية. طبعا يركز كل دين على جانب مختلف، ولكن في كلا التقليدين الدينيين بُعدين، الأول داخلي والثاني خارجي. وتكتسب الصلاة الطقسية أهمية كبرى في كل من المسيحية والإسلام.

 

وفيما يتعلق بغياب الوضوء في الصلاة المسيحية، لا بد من الملاحظة أنه قبل زمن يسوع فرض الدين اليهودي (على غرار الإسلام اليوم) التطهير من النجس في الممارسات اليومية وقبل الصلاة. وعلى غرار كبار الأنبياء، قاوم المسيح الشكلانية وتكلم عن العلاقة الوثيقة بين الصلاة الأصيلة والعلاقات البشرية السليمة ( طهارة القلب والفكر).

"أَلا تُدرِكونَ أَنَّ ما يَدخُلُ الفَمَ يَنزِلُ إِلى الجَوف، ثُمَّ يُخرَجُ في الخَلاء ؟ وأَمَّا الَّذي يَخرُجُ مِنَ الفَم، فإِنَّهُ يَنْبَعِثُ مِنَ القَلْب، وهو الَّذي يُنَجِّسُ الإِنسان. فَمِنَ القَلْبِ تَنْبَعِثُ المقَاصِدُ السَّيِّئَة والقَتْلُ والزِّنى والفُحْشُ والسَّرِقَةُ وشَهادةُ الزُّورِ والشَّتائم. تِلك هي الأَشياءُ الَّتي تُنَجِّسُ الإِنسان. أَمَّا الأَكْلُ بِأَيدٍ غَيرِ مَغسولة فلا يُنَجِّسُ الإِنسان" (متى 17:15-20 ومرقس 7 :14-23).

تجدر كذلك ملاحظة أنه بالنسبة للمسيح والمسيحية،  ممارسة الجنس في الزواج الشرعي نعمة من الله، وليس سببا للنجاسة والرسول بولس يقول: " لِيَكُنِ الزَّواجُ مُكَرَّمًا عِندَ جَميعِ النَّاس، ولْيَكُنِ الفِراشُ بَريئًا مِنَ الدَّنَس، "           ( الرسالة الى العبرانيين 13/4) 0  المسيحيون مدعوون لممارسة هذه النعمة بإنسانية ومسؤولية.

من واجب المسيحيين إظهار الإجلال الواجب لله. فعلى سبيل المثال، جرت العادة في الكنيسة الكاثوليكية، أن يرسم المؤمن إشارة الصليب على ذاته بالماء المبارك عند دخوله كنيسة ما، وأن يغسل الكاهن يديه أثناء الاحتفال بسر الافخارستيا (القداس)، للدلالة على طهارة القلب. التركيز على طهارة القلب بدلا من طهارة الجسد، والدليل على ذلك صلوات التوبة في بداية الاحتفال بالافخارستيا.

يصلي المسيحيون من أجل:  الكنيسة والقادة السياسيون والبشرية جمعاء، فضلا عن أنفسهم. يصلون من أجل المقربين إليهم ومن يقع تحت مسؤوليتهم. عليهم بالتالي أن يعتادوا الصلاة دوما من أجل إخوتهم المسلمين من أعماق القلب وأن يسألوا أصدقاءهم المسلمين الصلاة من أجلهم، فيعبر المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب عن علاقتهم مع الله.

حول الصلاة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، تتعدد الإمكانيات ومنها: 

أ.في الاحتفالات العامة في الكنيسة: ما من اعتراض على دخول المسلمين إلى الكنائس أو غيرها من أماكن العبادة للزيارة أو الصلاة الصامتة أو حتى حضور الاحتفالات الكنسية الرسمية كضيوف غير مشاركين. لكن لا بد من التنبه إلى ما يلي: المشاركة الناشطة في الصلوات الطقسية، مثل ليترجيا الساعات في الرهبنات أو الاحتفال بالافخارستيا (القداس)، تعني عضوية المؤمن داخل الكنيسة. من الأفضل بالتالي دعوة المسلمين بكل احترام إلى حضور الاحتفالات بصفتهم ضيوفا غير مشاركين، وليس بصفتهم مشاركين، وذلك انطلاقا من روح الأخوة النابعة من التعبد إلى إله واحد. حتما سيتفهم المسلمون ضرورة احترام المكان والعادات المحلية.

ب .في الأنشطة المشتركة بين الأديان - اجتماعات صلاة، مؤتمرات، ومحاضرات – يجوز لكل جماعة دينية أن تتلو الواحدة تلو الأخرى بعض النصوص الدينية من تقليدها الخاص (القرآن أو الكتاب المقدس)، مع مراعاة شعور الحاضرين. لكن لا بد من الملاحظة أن المسلمين، في مثل هذه المناسبات، يتلكؤون في قول كلمة "أبانا" الواردة في أبرز الصلوات المسيحية، ويشعرون كذلك أن وحدهم المسلمون يستطيعون تلاوة الفاتحة، نظرا لمقامها ضمن نصوص الصلاة الإسلامية.

ج .نجد أعلى مستوى من المرونة في الاجتماعات المشتركة الإسلامية والمسيحية المعقودة على نطاق ضيق، شرط أن يكون المشاركون مدركين لخطر الدمج بين الدينين. في هذه المناسبات، يجوز قراءة بعض النصوص غير الرسمية مثل  (نصوص المتصوفين والروحانيين أو حتى نصوص خطها أعضاء الجماعات نفسهم). يمكن للمشاركين تلاوة الصلوات (الأدعية) العفوية أو بعض الصلوات الأساسية في الديانتين مثل الصلاة الربانية (الأبانا) والفاتحة، شريطة أن يوافق جميع الحاضرين على ذلك وألا يشعر أحد بالإحراج. وحده جو الجماعة يقرر خيار الصلوات والأدعية.

 

* المسيحيون يصلون في كل اللغات وبحسب لغة كل بلد ولا توجد لغة واحدة بها يجب الصلاة.. ومن يصلي عليه ان يفهم ما يصليه حتى يقدر ان يعيشها فتصير الصلاة ينبوع حياة له.

_____________________________________________________________

(21)القديسون في المسيحية هم اؤليك الاشخاص الذين عاشوا الفضائل الالهية الاساسية بدرجة البطولة وتعلن الكنيسة قداستهم رسميا ليكونوا نموذجا يحتذي بهم المؤمنون. صلاة المؤمنين تتجه الى الله الاب والى المسيح المخلص وبما ان القديسين مندمجون في المسيح في شركة القديسين فيمكن للمسيحي ان  يرفع صلاة طلب اليهم.


Contact us

J. Prof. Dr. T. Specker,
Prof. Dr. Christian W. Troll,

Kolleg Sankt Georgen
Offenbacher Landstr. 224
D-60599 Frankfurt
Mail: fragen[ät]antwortenanmuslime.com

More about the Authors?